وكان علىّ أن أستجيِب لندَاء صَوت أستَاذىِ " اكتَبىِ كُل مَا تُحبيِه " ..كَان الامر مُدعَاه سُخريّتىِ فىِ بدَايّة الأمَر ..
كٌنت دَائماً أتَمسخر علىَ رَغبتىِ فىَ تَحقيِق رَغبة أستَاذىِ بسؤَال " ومَن سيَهتم !؟ " .وفىِ الحَقيِقة لمَ تَكن هَذهِ المٌشكلة ..
المِشكلة كَانت تَكمن فىِ كيّف سأوَاجهنىِ .. سأواجهه قِصصىِ الحَقيِقة ومشَاعر حَقيِقة .. هُنَا سأنَثر قَصصىِ والأشخَاص
والامَاكن والأفرَاح والأحزَان وحتىَ الخيّبَات التىِ لاَ أوَد للنسيَّان أنْ يَطويِهَا ..فليّست كُل القِصص والأشخَاص والأمَاكن
 والأفرَاح والأحزَان والخيبَات فىِ متنَاولِ الجَميِع ..وليّست كُل المشَاعر فىِ مُتنَاولِ الجَميِع ..
رُبمَا سأكتَب شَىء مَا يُشبه أحَدهم يَعبْر هُنَا ذَات يَّوم ..رُبمَا سأكَتب هُنَا شَخص كَان يَستحق أن يُكتب أن يَنتظر أن يُكتب ..
رُبمَا الكَثيِر مِن الأشيَّاءِ ..وحتىَ لاَ أنسىَ ..فأنَا أدُعى " تُقىَ " عَربية الانتمَاءِ ولَكن نَهر النيِل يَجرى فىِ عروَقىِ يَتفرع فىِ شرَاييّنىِ .
أبنة السبَعة عِشَرة رَبيِعاً .. ولَكن أنَا لاَ أعترَف غيّر بالسبَع سنوَاتِ الأخيِرة بَهم  ..أىّ مَنذ بَدأت " أقرَأ " ..
مَودتى لَكم   

الخميس، 9 مارس 2017

ماذا يفعل بينا الصعيد !

ننى الآن ربما ساخطة على ما أفعله بنفسى ..
كيف تنتهى كل هذه الأمور بهذا القدر من المتعة والتعب ! ..
التجارب التى أسكن البلاد لكى أعيشها .. والقصص التى أعاشر الناس لكى أنول بضع منها .. النظرات التى يتركها الناس فى قلبى حين تتحدث قلوبهم ..

الله الذى أبحث عنه فى كل العيون والطرقات والتجارب والألم والفرح حتى إننى أبحث عنه فى صوت وجيه عزيز الآن وهو يغنى " وعنيكى سكة سفر" ..

الكتابة التى لطالما أردت ان اتخلص منها ولكنها تتمسك بى انتقاماً لجحودى ربما ! ..

والموت وجبروته وانهزامى أمامه ..
والسفر الذى يخلصنى بتعبه من كل هذا ليدخلنى فى دوامة جديدة من مواجهة النفس ..

ثم يشعر بى ال soundcloud ليأتى صوت نور فريتخ بشكل مستسلم تقول : " يا حبيبى تعالى الحقنى شوف ايه اللى جرالى " ..

اضحك واقول وماذا يفعل من لا يمتلك حبيب .. من يخلصه اذاً !؟ ..

أيمكن للصعيد ان يخلصنى من كل هذا ! تسائلت وانا بالفعل داخل قطر الصعيد فى سفر جديد دون ترتيب او تفكير ..

فقط هكذا انتهت الأمور اقضى اكثر من 12 ساعة من اول الدلتا لآخر نقطة فى مياه النيل التى تخص مصر ..

ماذا أريد !؟ تسائلت ..
أريد التفاهة فى الحقيقة .. سافرت هذه المرة ولأول مرة دون فلسفة فقط أريد بعض من " الهبل " ..
ولكن ليس كل ما يريده المرء يدركه .. أليس كذلك !؟ ..

لا يمكننى ان اتغير او انسى هذا الشغف اللامع فى عينى الذى يوصلنى فى نهاية المطاف لابتسامة متعبة مستسلمة ..

كما ان قطار الصعيد لا يمكن ان يتركك دون ان يوقظ صوت صفيره الشجون داخلك ..

ربما لا يمكن لشئ أن يشبه قطار الصعيد كأغنية على الحجار " الليل وآخره " ..

يملك هذا القطار كل الصلاحية ليصيبك بالهلاوس ..
هاولاسك الخاصة تحديدا التى تتمثل أمامك وكأنها تحدثك ..
كيف يمكن لكل هذا الجمع من الناس ان يتعايشوا مع هذه اللحظة بكل هذه البساطة ! ..
وكيف يمكن لهذا القطار ان يتحملنى الآن ..


كنت كاذبة .. أنا هكذا دائما ً ما اكذب على الورق لا يجب ان يصدقنى احد بخصوص " التفاهه " ..

وصلت للأقصر ينتهك جسدى التعب وكأنه ملك له ..
لكن احساس إننى تركت كل شئ خلفى دون تفكير لأتواجد فى آخر بلاد المسلمين .. إحساس ملئ بالإنتصار ..

الأقصر مدينة هادئة .. ربما الطبيعى ان لا يلفتنى كل هذه الخضرة وانا بنت للريف ..
ولكن ربما شئ آخر سحرنى هذا المنعزل الكامل عنى وعنهم وعن ما حدث وما سوف يحدث ..

الأقصر مدينة جميلة .. هادئة هدوء المصاب بشلل منذ توقف السياحة رغم ان كل ما بها ينطق ..

شئ ما أعادته لى هذه المدينة او بالأخص هذا السفر ربما أعادت النبض لشغفى مرة أخرى ..

اعادت الشغف للتجارب والقصص والناس والفرح والألم والجروح ..
حتى انها أعادتنى بكامل عقلى امسك القلم .. بتهور وجنون وانفعال وشوق ..

كيف يمكن لهذه البلاد ان تصيبنا بكل هذا الجنون .. كيف تسرقنا ثم تعيدنا وتعيد الكرة مرارا وتكرارا ..
والغريب هى عدم قدرتنا على المقاومة ..

تشبه طفل صغير قام بالسب ثم رضاك بضحكة أيمكن للأمر ان يكون بكل هذه البساطة !؟ ..

من يمكن ان يلوم طفل طفل !؟ من يمكنه ان يلوم البلاد !؟..

لا شئ يخصنى هنا ولكن لمَ أشعر اننى اريد ان احضن الشوارع والطرقات .. ترصد عيونى البيوت والناس .. أتلصص لأستمع للقصص .. لأعبأ قلبى بالحب والحرية حتى يقاوم الحياة ..

على إحدى كراسى " النُزل " وسط حشد من الناس أضع الهاند فرى وأكتب ..

أتذكر الأيام الماضية فأبتسم دون وعى ..

قالوا من قبل " كل جمال لا يوجع لا يعول عليه " ..

هنا النيل يوجع .. الحضارة توجع .. وما أشد لذة وجع الجمال .. وما أحسنه من ذنب ان نسكر به ..

يكفى ربما ان امشى بين كل هذه المعابد والتماثيل لأمتلك كل هذا الشموخ ..

أنا حفيدة هذا التاريخ ..

ربما كانت تكفى لسعة الهوار على شط النيل لأدرك عظمة ان اكون بنتاً للنيل ..

وربما كان يكفى كل هذا حتى أكون تلميذة للحب ..

" كُتب هذا النص تقريبا فى يومى الثالث فى الأقصر " .....

*******************************************

السوق فى الأقصر يشبه إلى حد كبير خان الخليل فى القاهرة ربما يختلف معمار المبانى ليس إلا .. يمتاز البائعين فى الأقصر ببراءة المعاكسات ربما .. أذكر انه فى مرورى أمام بائع قال لى " ورق البردى ب 10 جنيه وبعدم تركيز منى اراد لفت الانتباه فقال طب ب 5 وعندما نظرت له قال طب ب 2 ونص .. فضحكت وأخبرته " طب هفكر " .. فصاح عجوز بجانبه : " SO BEAUTIFUL SMILE " .. وعند رجوعى صاح نفس العجوز بنفس الجملة مرة أخرى .. فضحكت له وتركته .. وآخر ظل ينادى " HORSE .. HORSE " ضحكت وأخبرته " طب ما تقول حصان " .. فأجابنى " حصان يا ست البنات " .. غالباً فى الجولة الحرة على مدار ثلاثة أيام .. لم يفوتنى ان أقضى ليلة على النيل فى ظهر معبد الأقصر كان المنظر يشبه قطعة من الجنة .. وعصير القصب كان يجب أن أشربه زرت معبد الكرنك وحضرت فيه الصوت والضوء وربما يكون معبد الكرنك أفخم المعابد التى زرتها هناك .. ومشاهدة الصوت والضوء به التى انتهت بالجلوس امام البحيرة المقدسة وتكملة العرض كانت كفيلة بأن تصفى روحى تماماً .. زرت معبد حتشبسوت وهابو ومعبد الأقصر ومتحف الأقصر ..


*********************************************************

كان الطريق من الأقصر لأسوان .. أشبه بالجحيم بالنسبة لى نتيجة فقدانى لتوازنى فى الليلة السابقة لرحيلى من الأقصر ووقوعى واصابة جسدى ببعض من الكدمات والكثير من الوجع .. ولكن غلب تعبى حماسى للذهاب لأسوان .. أسوان المدينة ليست بهدوء الأقصر ولا جمالها ولا حتى أهلها .. كان الوضع مقززاً فى أسوان ملئ بالمعاكسات الوقحة .. كما أنه احتلال الشبان للكورنيش بشكل ملئ بالتحرش والكلمات البذيئة جعل من التجول فى أسوان امراً ليس محبباً لى .. ربما المرة الوحيدة التى تبسمت على أثرها حينما مررت من أمام عجوز وصاح " يا وعدى " ..

درجة الحرارة فى أسوان كانت لا تطاق .. وربما هون جمال الأماكن هذا الأمر .. كان الصوت والضوء فى معبد فيلة أكثر ما أثار دهشتنى .. ربما لجمال النص الذى كُتب ! .. وربما لأن وجع ايزيس لم يكن فقط من موت زوجها .. ولكن وجعها النيل أيضاً .. وظل يراضيها طوال الوقت .. يحاول جاهداً أن يقنعها بأن انتقال معبدها لجزيرة فيلة ما هو سوى خلاص لها من أمواجه وحجوده ولكنها ككل العاشقين تريد ان ترتمى بداخل أحضان النيل .. رافضة كل هذا العبث .. كان لمعبد فيلة تأثير خاص على .. من اللحظة الأولى .. ربما حقيقة بنائه او حب ايزيس .. ربما بعض من الأوهام أيضاً التى لا علاقة لأحد بها .. متحف النوبة كان كنز من التاريخ والصور والوثائق .. جزيرة النباتات كانت قطعة من النعيم .. الخضرة والنيل والأشجار والألوان وركوب المركب .. اما النوبة فيطول الكلام عنها ..
للنوبة سحر خاص .. لبيوتها ولثقافتهم ولجمالهم وللطيبة الكامنة فيهم .. زرت أيضاً السد العالى ورمز الصداقة ومتحف النيل ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق